الملا: منع بعض الكتب دخول الكويت يعرض سمعة البلد للخطر

أكد النائب صالح الملا أن ما يحدث الآن من منع للكتب هو أمر طبيعي وعادي في ظل هذه الظروف التي تمر بها البلاد.

وقال الملا خلال مشاركته في المهرجان الخطابي الذي نظمته جمعية الخريجين أول من أمس تحت عنوان «الكتاب ومقص الارهاب»: إن ما يتعلق بمسألة معرض الكتاب ومنع الكتب الأصل فيه الإباحة والمنع هو القاعدة ولكن الآن الآية انقلبت والعكس هو الصحيح، مبديا أسفه من إشادة عدد كبير من النواب بوزير الإعلام على خلفية منعه 24 كتابا في معرض الكتاب الحالي وهم من طرحوا فيه الثقة قبل ثلاثة أشهر.
اضاف: «أتحدى أن يعرف وزير الإعلام عناوين الكتب التي منعت»، مشيرا إلى أن هذا المنع يعرض سمعة الكويت للخطر، بدليل أن كثيرا من الناشرين والروائيين والكتاب والمثقفين اعلنوا مقاطعتهم معرض الكويت الدولي للكتاب بسبب هذا المنع.
وتابع: يجب في هذه المناسبة أن نتذكر بكل إجلال الراحل د. أحمد الربعي والراحل د. أحمد البغدادي، مشددا على أننا في حاجة إلى مزيد من المهرجانات الخطابية لعمل ضغط شعبي لتوعية الشارع الكويتي بخطورة ما يحصل، لافتا إلى أن «الأزمة البغيضة التي مررنا بها قبل فترة وجيزة أتت من خلال الخور الفكري وسنوات من القمع والتحالف الحكومي مع قوى المنع والتخلف والتعصب الفكري».

نسير للخلف
ومن جهتها قالت رئيسة مجلس إدارة الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية شيخة النصف: إن «السيل بلغ الزبى وأصبحنا نسير للخلف وننتقل من طريق ضيق إلى آخر أكثر ضيقا، فبالأمس كان منع الاختلاط وتلاه منع التجمعات والاحتفالات ثم الحفلات الرمضانية أو أي صورة من صور الحياة والبهجة ثم منعت الندوات واستضافة المفكرين والأدباء واليوم يأتي منع الكتاب من الوصول إلى أيدينا. لقد ضاقت صدورنا بهذه القرارات والممنوعات، ضيق أولئك بالكتاب والحرية والسؤال الذي يطرح نفسه: ما الذي يخيفهم من الكتاب؟
وأوضحت النصف أن هناك من نصبوا أنفسهم أولياء على أمورنا ومنحوا انفسهم حق تقرير مصيرنا وتحديد ماذا نلبس وعلى أي مقعد في الجامعة نجلس واي كتاب نقرأ فكيف وصلوا لذلك وكيف وصلنا لهذه الحالة المتردية من تعتيم للفكر ومنع الحريات حتى أصبح الفرد منا يبحث عن لحظة سعادة أو فرح أو كتاب في دولة أخرى.
وأكدت النصف أن السبب وراء ما وصلنا إليه هو عدم الإيمان بالديمقراطية، ودعت إلى اتخاذ موقف حاسم وحازم.
ووجهت رسالة إلى من نصب نفسه ولياً على أمرنا أننا نضجنا وبلغنا سن الرشد وأصبحنا قادرين على التمييز بين الغث والثمين وعلى الاختيار.

حرية التعبير
ومن جانبه، قال ممثل المسرح العربي فؤاد الشطي: إن حرية التعبير للإنسان مكفولة منذ الخليقة والمبدعون لهم أن يعبروا عن آرائهم في كافة المجالات.
وانتقد لجنة الظواهر السلبية التي وصفها بأنها تعد «منكرا» في حد ذاتها وهي لجنة تتجاوز روح الدستور، مشيرا إلى أن الرقابة يجب ان تكون لاحقة لا سابقة على النشر والعمل الإبداعي، مضيفا أننا لنا 3 عقود ونحن نرفع الصوت عاليا من محاولات هؤلاء الذين يريدون سرقة مكتسباتنا الدستورية.
وأوضح الشطي أن الحكومة للأسف أذعنت لفترات طويلة لهؤلاء، مشددا على أن مجلس الأمة يقع عليه مسؤولية كبيرة في تصحيح هذا الخطأ، مؤكدا أن رجالات الكويت الأوائل من الرعيل الأول اتسموا بالحكمة وكان الكثير منهم قليل التحصيل العلمي إلا أن آفاقهم كانت تتسع لكل شيء وهم وراء تلك الإنجازات والمؤسسات التي ننعم بها.

حدث مسموع
وقالت ممثلة رابطة الأدباء ليلى السبعان إن المؤسسات المدنية في الكويت صوتها مسموع داخليا وخارجيا، مشيرة إلى أن الكويت تتمتع بقدر عال جدا من الحرية، وأن لجنة الرقابة في وزارة الأعلام منعت 24 كتابا لأن عددا كبيرا منها يحض على الكراهية وكتابا آخر يحوي على جمل مقززة.
وأوضحت أن الكويت بها جهة واحدة رقابية هي وزارة الإعلام، أما في دول عربية أخرى فإن هناك 5 جهات تمنع، مشددة على أن الثقافة في الكويت مازالت بخير.

مكافأة الرقيب
ومن جانبه قال ممثل جمعية الخريجين ابراهيم المليفي: ان «السكين وصل العظم» بسبب تسيد الفكر المتعصب وإغلاق نادي الاستقلال ومنع الكتب، داعيا المثقفين بعدم العزلة عن المجتمع.
وأشار إلى أن قضية منع الكتب ليست شعبية وليس لها جمهور عريض، مشيرا إلى أن المثقفين نوعين الأول يتفرج والآخر متواطئ.
وأضاف: ان هامش الحرية الذي أوجده دستور 62 يتآكل، مشككا في عدد الكتب التي تم منعها، مضيفا أن دور النشر تبعث للكويت أسوأ الكتب، مؤكدا أن لجنة الرقابة تتكون من 8 أو 9 أشخاص كيف لهم قراءة 100 كتاب خلال بضع ساعات، لافتا إلى أن بعض الكتب تمنع من مجرد قراءة عنوانها، مثل كتاب «الفنون في غرف النوم» منع في الكويت وأجيز في المملكة العربية السعودية وسبب المنع لأن الهوامش الموجودة فيه أقوى من المتن. وأوضح أن مكافآة الرقيب لا تتعدى الـ150 دينارا وهذه المكأفأة لم تصرف منذ 6 أشهر.

فلسفة الرقابة
ومن جانبه اكد الكاتب الصحافي احمد الديين انه منذ ان ابتلينا بهذه الآفة في الدورة 22 للمعرض والمسلسل يتواصل لدرجة قيام رقباء غير رسميين بابتزاز دور النشر التي تعرض كتبا مثيرة للجدل وفق مقاييسهم فأصبحت الرقابة على معرض الكتب والتعسف الرقابي هو السمة الغالبة عليه ما ادى لتراجع دوره.
واضاف الديين اننا لسنا ضد وجود رقابة من حيث المبدأ خاصة في الكتب الاباحية والتي تحض الى الكراهية الطائفية رافضا منع الكتب العلمية تحت ذريعة انها اباحية، رافضا التعسف الرقابي والذي تحاول ان تقلل منه وزارة الاعلام بانها منعت 25 كتابا من اصل 24 الفاً، منوها الى عدم دقة هذه الادعاءات.
ولفت الى ان دور النشر الجادة قاطعت منذ سنوات معرض الكتاب او لم تدعى اليه الى جانب ان كثيرا منها تتجنب ان تبعث الكتب التي يحتمل منعها في الكويت بسبب التعسف الرقابي، مؤكدا ان معرض الكويت للكتاب اصبح الاسوأ من حيث التنظيم والتشدد الرقابي مقارنة بمعرض الرياض للكتاب ما يلقى بآثاره السلبية اولا على القارئ الكويتي الذي حرم من الجديد من نتاج دور النشر والمطابع وثانيا على سمعة الكويت.
ونوه الديين الى ان الروائي المصري يوسف القعيد والسعودي عبده خالد اعتذرا عن المشاركة كضيوف بمعرض الكويت للكتاب بسبب التشدد والتعسف الرقابي، معترضا على اعتبار الامر خلاف بين الليبراليين والاسلاميين.
وطالب الديين بهامش رقابي ارحب خلال فترة المعرض وتغيير فلسفة الرقابة التي تقوم على ان جميع الكتب ممنوعة في الاصل وان افساح المجال للبعض منها هو الاستثناء لأن العكس هو المطلوب لمنع الكتب المبتذلة والهابطة لا النتاج الثقافي والادبي الجاد.

حرص المسؤولين
وبدوره شدد ممثل الجمعية الكويتية لحقوق الانسان عبدالمحسن المظفر على ان الدستور الكويتي يجب ان يحكم على التصرفات خاصة وانه اتاح الحريات المختلفة، مؤكدا ان المواثيق والمعاهدات الدولية في مجال حقوق الانسان التي صادقت عليها الكويت نصت على العديد من الحريات المدنية والسياسية مما يلزمها بما جاء في هذه المواثيق.
وقال المظفر: ان من عهد اليه بمراقبة كتب المعرض ليس لديه امكانية القراءة وتفنيد 24 ألف كتاب بحيث يتم السماح بدخول هذه الكتب من عدمه، متعجبا من منع كتب تتناول قضايا سياسية في بلدانها وسمح بنشرها في هذه البلدان لتمنع في معرض الكويت الدولي للكتاب، مضيفا هل نحن حريصون على مصلحة هذه البلاد اكثر من مسؤوليها؟

أسماء مستعارة
ومن جهتها قالت الروائية ليلى العثمان ان من راقب الناس مات هما لكن من يراقبون الابداع بسبعة ارواح، مؤكدة ان الرقابة غير المتكافئة مسؤولة عن انحسار المواهب الجديدة.
واضافت العثمان ان مظاهر ملاحقة الكتب ومنعها تؤرق الكتّاب الشباب وتجعلهم في زمن العولمة والانفتاح اما يلجأون الى الاسماء المستعارة او يكتبون ما يغلب عليه الطابع الاصلاحي او نشر كتابات مبهمة وكأنهم يريدون ان يأمنوا شر الرقابة والمنع.
واعتبرت ان منع الكتب جريمة يرتكبها من سادت افكارهم واجتاحت عقول الشباب حتى اصبح الكثير منهم يغلق نوافذ الفكر والمعرفة ويعلق مفتاح الجنة على صدره، بعد ان اصبحت المقصات في ايدي الخياطين تقوم بعمل فني ابداعي لصلح الانسان بينما هي في ايدي الرقبا مشرطا لقصقسة اجنحة الابداع والفكر اللذين يجب ان يكونا في منطقة آمنة بعيدا عن الوصاية والضغط.

مثلث برمودا
ومن ناحيته اكد استاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت د.غانم النجار ان معرض الكويت الدولي للكتاب اصبح الأسوأ في العالم العربي
واعرب النجار عن ذهوله بما وجده من سماح الكتب في معرض الكتاب السعودي في ابريل الماضي، لافتا الى ان بعض الناشرين من خارج الكويت يطلقون على معرض الكويت للكتاب معرض كتب الطبخ ومثلث برمودا بسبب البدائية السياسية في التعامل مع المعرض.
وقال النجار اننا نتحدث عن تدهور المعرض وكأنه الشيء الوحيد الذي تدهور في الكويت في اشارة الى تدهور العديد من الأمور المتعلقة بالحرية والتعبير، مستغربا من عدم وجود مقياس لطريقة منع الكتب في المعارض المختلفة للكتاب في الكويت حيث تمنع كتب لمدة عامين ثم يسمح بنشرها، مثلما حدث مع كتاب للدكتور احمد الخطيب الذي نشر بالجريدة ثم منع بعدما طبع الكتاب ليسمح بنشر الجزء الاول منه ومنع الجزء الثاني من النشر.
وبين النجار ان عملية منع الكتب عن الناس اصبحت مملة بعد ان تحولت الى قضية وان الحكومة تحقق انجازا بمنعها رغم وجود اي نوع من الكتب على صفحات الانترنت، مشيرا الى أن احد الناشرين من خارج الكويت اقترح ان يتم تنظيم معرض الكتاب في الكويت تحت رعاية سمو الامير حتى يكون خارج نطاق السلطة التنفيذية.