ندوة المنبر الديموقراطي طالبت بوزراء يواجهون الفساد: نريد حكومة كفاءات لا محاصصات

لم يخف المتحدثون في ندوة (الحكومة السابعة... وأزمات سياسية متتالية) رغبتهم في رئيس وزراء شعبي من خارج الأسرة الحاكمة، إلا انهم قالوا : «كل الاحترام والتقدير لقرار صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد»، مطالبين «ابناء الاسرة بالابتعاد عن الصراعات مع القوى السياسية والكف عن البحث عن الموالين من الوزراء والنواب»، وكاشفين عن «مخالفة دستورية بتأخير تشكيل الحكومة».

وخلال الندوة التي عقدها المنبر الديموقراطي مساء أول من أمس في ديوان النائب الاسبق عبدالله النيباري في ضاحية عبدالله السالم، عبر المتحدثون عن املهم «بتجاوز المرحلة الماضية الى حكومة جديدة بمنهج وتشكيلة وزارية متناسقة بعيدة عن الترضيات»، وقالوا: «نريد حكومة كفاءات لا محاصصات، بعد ان عجزت الحكومات المتتالية عن ادارة عجلة التنمية ومكافحة الفساد»، ومستغربين «استقالة الحكومة السابقة من دون سبب محدد غير التكهن برفض الوزراء الشيوخ مواجهة الاستجوابات».
استهل عضو كتلة العمل الوطني النائب صالح الملا الحديث في الندوة، وقال: «لقد طالبت الكتلة بحكومة جديدة ورئيس وزراء جديد ونهج جديد لهذه الحكومة وتم اعلان ذلك في شهر يونيو من العام الماضي، ولا يزايد علينا احد في هذا الاتجاه، كما اكدنا على ضرورة احترام رأي وقرار صاحب السمو امير البلاد الشيخ صباح الاحمد بعد اختياره سمو الشيخ ناصر المحمد لتشكيل الحكومة الجديدة، لكننا اعلنا انه لا يمكن القبول بعودة الوزراء المستجوبين او القبول بمثل هذه الممارسات، لانه ما كان حراما على الوزير الاسبق عبدالله المعتوق لا يمكن ان يصبح حلالا للشيخ أحمد الفهد»، مؤكدا ان «عودة الوزراء المستجوبين في الحكومة الجديدة يعد عودة للتأزيم منذ الاسبوع الاول لاعلان الحكومة، ذلك انه سيتم تقديم الاستجواب للشيخ احمد الفهد ان عاد، في اول اسبوع من عمر الحكومة الجديدة، كما ان تدويره غير مقبول ايضا».
وأوضح الملا ان «عودة الوزير الأسبق بدر الحميضي للحكومة المقبلة التفاف على الدستور»، مشدداً على «ضرورة القبول بل والتمسك بمجلس الأمة الحالي، كما ينطوي عليه من حسنات وسيئات، خلال المرحلة المقبلة لحين إجراء الانتخابات التشريعية».
وقال: «إذا لم تأت حكومة تستطيع مواجهة العصابة التي تدير البلد وتواجه غول الفساد وتعمل من أجل الكويت بعيداً عن الاستنساخ، فإننا نقول: اعتذر يا شيخ ناصر وكفى الكويت شر الأزمات».
ولفت الملا الى ان «أحد سراق المال العام يمتلك شركة للشحن الجوي فقام بشراء طائرتين للشحن الجوي ولكن بعد ان خسرت شركته وتورط هو ومن معه قاموا بفرض هاتين الطائرتين على وزارة الدفاع رغم ان الحكومة بجميع جهاتها ليست بحاجة لهما، فقام الشرفاء بالتصدي لهذه الواقعة»، مضيفاً: «وصلتني معلومات من شرفاء من داخل الديوان، فقمنا بالتصعيد في مجلس الأمة وقدمنا طلباً بتحويل القضية للتحقيق».
وإذ بيْن انه «تم اعتماد مبلغ اضافي لشراء هاتين الطائرتين بقيمة 131 مليون دينار»، سأل: «هل هذا الكلام مقبول؟»، مبيناً ان «الحديث عن الأزمات السياسية ممل ومثير للضجر، كما ان الحديث عن الحكومات المتعاقبة غير ذي جدوى خصوصاً بعد ان اصبح هناك استنساخ خلال السنوات الأخيرة، فحكومة تلد أخرى، وحكومة تورث أخرى، وتتكرر الصبغة الجينية في كل حكومة».
وتابع الملا «اذا كنا نتحدث مثلاً عن مجلس أمة مؤزم أو نواب أصحاب مصالح أو يريدون تسجيل بطولات، فهذا موجود لكن هل نبرئ ساحة الحكومة؟»، مشيراً الى ان «السؤال المتكرر والممل يتمحور حول: من السبب في الأوضاع التي نعيشها؟».
وقال: «لست مدافعاً عن السلطة التشريعية لكني أريد أن أكون صريحاً وواقعياً اذ لا يمكن أن نأتي بمجلس ملائكي او مجلس كفاءات او مجلس تكنوقراط، فلا يمكن أن نأتي بلجنة تشريعية مثلاً يكون جميع أعضائها متخصصين في القانون، كما لا يمكن أن نأتي بلجنة مالية معظم أعضائها من المتخصصين في الاقتصاد، فهذه طبيعة الاختيارات الشعبية للنواب».
وأضاف «لا يعدّ ما سبق مبرراً لأن نأتي بأشخاص في الحكومة المقبلة لا يحملون مؤهلات علمية وغير متخصصين وغير قادرين على المواجهة، اذ انه من غير الممكن ان تتحول الحكومة لمنتخب كرة أو نادٍ سياسي»، متابعاً «نحترم خيار صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد لسمو الشيخ ناصر المحمد رئيساً للوزراء، لكننا ومنذ عام 2008 نلمس ان الاختيار في التشكيلات الحكومية يعتمد على المحاصصة سواء من داخل الحكومة أو من داخل الاسرة، اذ انه مع الاسف فإن اختيارات الاسرة مبنية على الترضيات والاقطاب ونفوذ البعض، لكننا نؤكد ان وجود اعضاء الاسرة في الحكومة ضرورة فهم ابناء الشعب».
وتساءل الملا «ألا يوجد في الاسرة الحاكمة كفاءات كي يقتصر الأمر على خمسة شيوخ منها فقط؟ لماذا يستثنى المتألق من أبناء الأسرة دائماً؟»، لافتاً الى ان «مشكلة المشاكل في أسلوب ادارة الحكومة الحالية والسابقة انها فاقدة لشجاعة المواجهة، وتجيد فن الهروب، وشعارها الهون أبرك».
وأوضح ان «الحكومة السابقة استقالت لخوفها من المواجهة»، وقال: «لا تسمحوا لأحد بأن يضحك عليكم ويفهمكم بأن النظام اكتشف ان اسلوب ادارة البلد خطأ ويجب ان تعمل الحكومة وفق الاطر الدستورية فهذا غير صحيح، وستثبت لكم الأيام ان كلامي دقيق جداً من خلال التشكيل الحكومي المقبل»، مبيناً ان «ما حدث في عهد الحكومة الأخيرة فوضى، اذ ان الفساد نخر في عظم البلد، وبالتالي فقد كان من الطبيعي تقديم المعارضة لاستجوابات، وبرأيي فإن الكثير منها مستحق».
وقال الملا «بدا واضحاً ان أحد الاطراف المتنفذة والذي أسس له دولة أكبر من الدولة لم يشأ مواجهة الاستجوابات، خصوصاً تلك التي تتعلق بالمساس بالوحدة الوطنية»، لافتاً الى ان «قضية الاسكان كانت أحد محاور استجواب الشيخ أحمد الفهد، فهناك مناقصة واحدة بقيمة 71 مليون دينار أُهدرت من المال العام بجرة قلم لترسية المناقصة على أشخاص معينين، فبأي بلد نحكي».
وأضاف: «لقد كان مجلس الوزراء قد قرر سابقاً استبعاد المقاول الذي سبب كارثة بيئية في مشرف وإحالته للنيابة العامة، وبعد ستة أشهر من الإحالة والاستبعاد يأتي الشيخ أحمد الفهد ويوقع معه عقداً بملايين الدنانير»، متسائلا: «أليست هذه دولة داخل الدولة؟».
وأشار الملا إلى ان «هناك نهجاً قائماً الآن حيث ان أي قيادي في الدولة يرغب في ترشيح نفسه لمنصب معين فإنه حتى وإن كان كفوءاً فعليه أن يبدي فروض الولاء والطاعة لدولة أحمد الفهد»، مستطرداً «لم نفرق نحن الكويتيين بين سني وشيعي أو بين بدوي وحضري، ولم تُمس الوحدة الوطنية، ولم نشعر بآلام في هذا الشأن، أما الآن فقد أصبحنا نفاخر بإثارة هذه النعرات الكريهة، بل ان بعض النواب يعقد الندوات حولها».
ولفت إلى ان «مجلس الوزراء أصدر قرارا من قبل بتشكيل لجنة عليا لدراسة ظاهرة المساس بالوحدة الوطنية، لمعالجة أسبابها وأي خلل تشريعي بشأنها، وكانت هذه اللجنة برئاسة دولة أحمد الفهد، وكان هذا القرار منذ أشهر قليلة، ولكن حتى اليوم لم تشكل دولة أحمد الفهد هذه اللجنة لأن المهم أن تمشي المناقصات، خصوصا وان البرلمان مسلوب الإرادة في هذا الاتجاه».
من جهته، أشار النائب الأسبق عبدالله النيباري إلى ان «الحكومة يجب أن تكون نتاجا لخيار الشعب ومن ينتخبهم، وعلى هذا الأساس وضع دستور عام 1962، لكن طوال الخمسين عاما الماضية حدث انحدار في هذا الشأن»، مبينا انه «من غير المعقول أن تستقيل حكومة من دون معرفة سبب استقالتها سوى التكهن بعدم رضا الوزراء الشيوخ بمواجهة الاستجواب».
وتساءل «كيف لا تكون هناك قدرة على تشكيل حكومة منذ أسابيع رغم ان الحكومات تشكل في بعض الدول الغربية كبريطانيا في ثلاثة أيام فقط؟»، لافتاً إلى ان «التأخر والعجز عن تشكيل حكومة في الكويت سمة من سمات الأزمة السياسية».
وقال النيباري «إنه مع كامل الاحترام والتقدير لسمو الشيخ ناصر المحمد، إلا أن توليه سبع حكومات خلال ست سنوات مدعاة لإعادة التفكير في اختيار رئيس وزراء جديد»، مشيرا إلى ان «الكويت بلد صغير لكن مشكلاته تفوق مشكلات التكتلات كالاتحاد الأوروبي وغيره، في ظل الافتقار إلى القرار الحكيم والإدارة المحترفة».
وبيَّن ان «الحكومات المتتالية عجزت عن تلبية أدنى متطلبات المجتمع ولا نقصد التنمية الاقتصادية، أو زيادة المدخول، أو مواجهة الفساد، أو التنمية البشرية بالبحث العلمي، أو حتى توفير خدمات راقية في الصحة والتعليم أو السكن، وإنما نقصد المشكلات البسيطة كمشكلة المرور والتي تسببت في سقوط ضحايا من شباب الكويت بعد أن عجزت الحكومة عن حلها»، متسائلاً: «أين القوات الخاصة والحرس الوطني في ايجاد الحلول لهذه المشكلة؟».
ولفت النيباري إلى ان «هناك أبراجاً يتم انشاؤها من دون مواقف سيارات، وقد تفاقمت مشكلة الاكتظاظ العمراني»، متسائلا «كيف لا تنظر حكومتنا لحل هذه المشكلة رغم انها تحتاج فقط لرؤية البلدية لإدراج الحل؟».
وأضاف «أين الحكومة من مشكلات الشعب، أم انهم التهوا بالنهب فقط؟»، مؤكدا ان «مطلب الحكومة الجديدة بمنهج ورئيس جديدين مستحق، ومن الواجب أن يكون نصف أعضاء الحكومة من النواب على الأقل».
ورأى ان «الواقع السياسي في البلاد واقع مأزوم، وأصبح مجلس الأمة مجلس مصالح وصفقات وينطوي على تجاوزات على الدستور إذ تعد الجلسات السرية مخالفة للدستور»، مستبعدا «الحصول على تشكيل حكومي على المستوى المرغوب في الحكومة المقبلة».
وطالب النيباري القوى السياسية بالعمل لانتاج حكومة على المستوى المطلوب»، كاشفا عن «غياب للأجندة السياسية والرؤية السياسية».
وقال «أصدر المنبر الديموقراطي بياناً منذ شهر في ظل المأزق السياسي الذي تعيشه البلاد، حدد فيه بعض المعالم والمخارج من الأزمة الحالية، وقبل توسيع اختيار رئيس الوزراء بحيث لا ينحصر في الأسرة الحاكمة»، مشيرا إلى «انه في معظم النظم الديموقراطية التي يتم فيها توارث الحكم فإن رئيس الوزراء يكون شعبياً».
وأضاف «حدد البيان ايضا اشتراطات بضرورة الابتعاد عن المجاملات داخل الأسرة، وابتعاد الأسرة عن الصراعات السياسية إذ ليس من الصالح دخول الأسرة في صراعات مع القوى السياسية. كما ان بحث الأسرة عن الموالين سواء من الوزراء أو القوى أمر مضر بالمؤسسات السياسية، وكذلك فإنه من الضروري محاسبة رئيس الوزراء، وهو ما يصبح أمراً سهلاً في حالة اختيار رئيس وزراء شعبي»، مطالبا «القوى السياسية بالتفكير في أجندة سياسية للإصلاح في البلد».
من ناحيته، أوضح أمين عام المنبر الديموقراطي يوسف الشايجي ان «الحكومة تمارس مخالفة للدستور بتأخير تشكيل الحكومة الجديدة، إذ انه لا بد أن تستغرق المسألة أسبوعين فقط تبعاً للمادة 87 من الدستور، والتي تشير إلى سرعة تشكيل الحكومة لتلحق باجتماع مجلس الأمة»، مبينا ان «هذه المادة الدستورية تشير أيضاً إلى الاستعجال في عقد جلسات مجلس الأمة باعتباره السلطة التشريعية، إذ يمر البلد بفراغ تشريعي عند التأخر في تشكيل الحكومة عن فترة أسبوعين وهذا ما يشكو منه النواب حالياً».
وقال: «تشير هذه المادة ايضا إلى دعوة النواب لعقد الجلسات وهذا يعني جلسات من دون حكومة، وهذا الوضع يشبه وضع حل مجلس الأمة. فصاحب السمو أمير البلاد في حال حل المجلس مثلا يدعو لانتخابات خلال شهرين، وإذا مر الشهران من دون انتخابات يعود المجلس السابق بكامل تشكيله».
وأضاف الشايجي: «ان المادة 181 من الدستور تشير إلى ضرورة انعقاد المجلس حتى في حال إعلان الأحكام العرفية»، مشددا على «ضرورة عدم الاستهانة بالدستور، فهو الذي ينظم العلاقة بين الحاكم والمحكوم»، وتابع: «تتحجج الحكومة للأسف بأن الرئيس في طور تشكيل الحكومة، فكيف نقبل بهذا الوضع ويتعطل البلد؟».
وأكد على انه «لا شك ان اختيار رئيس الوزراء حق لصاحب السمو أمير البلاد، كما ان إبداء الآراء في تشكيل الحكومة من حق أي مواطن سواء كان نائباً أو مواطناً عادياً»، لافتا إلى انه «مع صدور القرار باختيار سمو الشيخ ناصر المحمد فإن على الجميع احترام هذا القرار»، موضحا ان «إعادة تكليف سمو الشيخ ناصر المحمد في ظل الأجواء المتوترة والاستجوابات المرتقبة، يراه البعض بداية لحل المجلس، وبالتالي لا بد أن تستفيد الحكومة المقبلة من الحكومات السابقة لتجنب الصدامات».
ودعا الشايجي «لإصلاحات سياسية واقتصادية وإدارية في البلد للارتقاء بمستوى الأداء، بالاضافة إلى ترسيخ مبادئ العدالة الاجتماعية والمساواة وتكافؤ الفرص وتطبيق القانون على الجميع»، موجها رسالة «لسمو الشيخ ناصر المحمد في شأن تشكيل الحكومة السابعة بضرورة اختيار وزراء من ذوي الأيادي النظيفة والسمعة الطيبة، ممن يقدمون مصالح الوطن على مصالحهم الشخصية، ويمثلون الوطن وليس أسراً أو قبائل، بالاضافة إلى ضرورة تمتع الحكومة الجديدة بنهج وطني وبرامج تنموية، وكذلك الإيمان بالمشاركة الشعبية، ومحاربة الفساد، واستثمار العنصر البشري، ودعم المرأة وإيلاء الشباب الثقة، وتحقيق آمال المواطن البسيط، والقضاء على النزاعات الطائفية، والحفاظ على الوحدة الوطنية، وأن تكون حكومة كفاءات لا محاصصات».