الـ50 ديناراً إلى المحكمة الدستورية

علمت " السياسة " أن الحكومة تتجه إلى احالة قانون زيادة الـ50 دينارا الذي أقره مجلس الأمة بأغلبية 46 صوتا في جلسة الثلاثاء الماضي إلى المحكمة الدستورية كملاذ أخير بسبب " الأثر الرجعي " الذي يزيد كلفة تطبيق القانون الى نحو 280 مليون دينار , ما من شأنه أن يرهق الخزانة العامة للدولة ويرتب أعباء باهظة على الموازنة.

وقالت مصادر حكومية مطلعة لـ"السياسة": إن "قرار الاحالة إلى المحكمة الذي لا يزال قيد الدراسة لا يتعلق بالأثر الرجعي للقانون فقط, بل يرتبط بالكلفة المالية الباهظة, فضلا عن افتقاره إلى العدالة ; كونه يساوي بين محدودي الدخل وأصحاب الرواتب العالية.
وتساءلت المصادر: " أين العدالة في منح 50 دينارا لكل من يزيد راتبه عن الألف دينار?!", لافتة إلى أن الكثير من موظفي الدولة لا تتجاوز رواتبهم 700 دينار لذا كان من العدالة زيادة رواتبهم بحيث تضيق الفجوة في الدخول مع أصحاب المعاشات الأعلى من 1000 دينار.
وأكدت أن القانون الذي أقره المجلس الثلاثاء أهدر كل الجهود التي بذلتها الحكومة لتضييق الفجوة بين الطبقات وتوسيع قاعدة الطبقة الوسطى التي تشكل عماد الاستقرار والتقدم في أي بلد, وهو الأمر الذي كان يمكن تحقيقه لولا التكسب الانتخابي الذي جاء على حساب العدالة والمال العام.
في الاطار نفسه ألمح مصدر نيابي إلى امكانية التوصل الى حل وسط بين السلطتين التشريعية والتنفيذية, وقال : ان " هذا الحل يقضي بالغاء الأثر الرجعي للقانون في مقابل أن توافق الحكومة عليه ".
من جهته رفض النائب عبد الرحمن العنجري أي محاولة حكومية لاحالة قانون زيادة الخمسين دينارا إلى المحكمة الدستورية, معتبرا هذه الخطوة حال تنفيذها " تهربا من تطبيق القانون ". وقال لـ"السياسة": إن "موضوع الـ50 لا يحتاج إلى توضيح والتصويت جاء بناء على النصوص الدستورية ولا يوجد مبرر لذهاب الحكومة الى المحكمة الدستورية لأنه لا يجب ان تكون المحكمة شماعة للهروب من الاستحقاقات ويجب الا تتخندق الحكومة وراء المحكمة الدستورية", مؤكدا أن هناك استحقاقات دستورية وسياسية على الحكومة مواجهتها بدلا عن الهروب والمناورات المفضوحة.
بدورها عبرت النائبة د. معصومة المبارك عن رفضها توجه الاحالة إلى " الدستورية", وقالت : " لا أؤيد احالة قانون زيادة الخمسين الى المحكمة الدستورية الذي أقره المجلس بأغلبية 46 صوتا بعدما ردته الحكومة".
وفي تصريح إلى "السياسة" وصفت المبارك قانون " الـ50 " بأنه "دستوري مئة في المئة" وإذا أحالته الحكومة الى المحكمة فإن هذا يعني أنها أخلت بالدستور الذي حدد الحاجة إلى ثلثي أعضاء المجلس بعد رده من الحكومة ليقر وينفذ", معتبرة " الاحالة " تعطيلا للقانون والتفافا على الدستور وإضرارا بمبدأ التعاون الذي أكد عليه سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد في كلمته بعد أداء القسم في المجلس.
من جهة أخرى كشفت مصادر مقربة من كتلة العمل الشعبي أن الأخيرة تدرس تقديم استجواب ثان من محورين إلى سمو رئيس مجلس الوزراء هذا الأسبوع إذا تم تأجيل استجواب النائبين أحمد السعدون وعبد الرحمن العنجري من خلال احالته الى اللجنة التشريعية, لافتة إلى أنه سيضم " قضيتي الأغذية الفاسدة ووقف البابطين ".
على الصعيد الحكومي أكد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير العدل والشؤون الاجتماعية والعمل د. محمد العفاسي تقديره للدور الرقابي الذي يقوم به ديوان المحاسبة, مشيرا الى انه سيطلب من هيئة الشباب والرياضة التعاون معه التزاما بتكليف مجلس الأمة.
وفي موازاة ذلك جددت مصادر وزارية التأكيد على أن الحكومة ستواجه كل الاستجوابات الموجهة والمتوقعة وسواء كانت لرئيس الحكومة أو لأعضاء مجلس الوزراء. وقالت : إن " من شأن مواجهة الاستجوابات اطالة عمر الحكومة من جهة وقطع الطريق على الاستجوابات الشخصانية من جهة أخرى", مشيرة إلى أن مواجهة وتفنيد استجواب السعدون والعنجري ستفرغ باقي الاستجوابات من مضمونها وتجعلها بلا قيمة.
وذكرت أن رئيس الوزراء واجه استجوابات تحمل شبهات دستورية في الحكومات السابقة ومع ذلك لم تحل إلى اللجنة التشريعية ولا الى المحكمة الدستورية لذلك على الحكومة المواجهة في ظل وجود الاغلبية النيابية المؤيدة وضمان عدم احراجها.
إلى ذلك أوضح النائب صالح الملا أن " موقفه من استجواب رئيس الوزراء لن يتحدد إلا بعد جلسة المناقشة وسماع كل التفاصيل التي سيقدمها طرفا الاستجواب".
ووصف الملا الاستجواب بأنه " مستحق", وقال : إن " قراءتي المبدئية للمحاور تشير الى ان الرئيس والحكومة يتحملون مسؤولية جسيمة", وإذ أكد أنه لن يرضخ إلى أي ضغوط أو ارهاب سياسي في التصويت نوه الى أن اختلافه مع مقدمي الاستجواب يتعلق بالتوقيت وعدم التنسيق مع الكتل البرلمانية, لافتا إلى أن " موعد استجواب كتلة العمل الوطني المرتقب إلى نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدولة لشؤون التنمية والاسكان الشيخ أحمد الفهد سيكون مفاجأة تقطع الطريق على الساعين إلى انقاذ الفهد " -على حد قوله.
وفي سياق المطالب الشعبية للنواب دعا النائب شعيب المويزري الى ضم المعلمين في وزارة الاوقاف الى كادر المعلمين الذي اقره المجلس في المداولة الأولى الثلاثاء الماضي. وقال : إن " معلمي الاوقاف والتربية أصحاب مهنة ومهمة واحدة ولا يجوز التمييز بينهم وعلى الحكومة ومجلس الامة اقرار الاقتراح بقانون بشأن كادر المعلمين بعدالة لاصحاب هذه المهنة السامية والكبيرة في قدرها وأهميتها من دون تفرقة ولا تمييز ".
كما ناشد النائب فيصل المسلم سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد التدخل لانهاء معاناة أبنائه المواطنين من ساكني منطقة خيطان, مؤكدا أن رفع المعاناة عنهم لن يتم الا بتثمين المنطقة لكن الأجهزة الحكومية تكابر وتعاند وتصفي حساباتها السياسية على حساب المواطنين.
من جانبه شدد النائب علي الدقباسي على ضرورة مراجعة السياسات المالية التي تنتهجها الدولة تجاه المواطنين في مختلف الاصعدة, لافتا الى ما نشر في شأن اصدار الادارة العامة للتنفيذ في وزارة العدل 150 الف امر بالضبط والاحضار ومنع السفر منذ بداية 2010 حتى الان بسبب الديون.
وقال الدقباسي في تصريح صحافي أمس : ان " هذا الامر يعد مؤشرا خطيرا للوضع المالي الذي يعيشه المواطن في ظل المتغيرات المعيشية وسياسات الحكومة التي لا تسمن ولا تغني من جوع", مؤكدا ان على الدولة ان تعدل وجهتها في عدد القضايا التي تتعلق بالوضع المالي للمواطن بما يتلاءم مع هذا الواقع.
وعلى طريق استجواب وزير الصحة د. هلال الساير وجه النائب سعدون حماد سؤالا برلمانيا أمس إلى الوزير حول العقود التي أبرمتها الصحة منذ توليه وقيمة كل منها وما اذا كان بعضها قد أبرم بنظام " الأمر المباشر " وبعيدا عن الجهات الرقابية, وهل حدث أن أرست الوزارة أيا من مناقصاتها على عطاءات لم تكن الأقل سعرا?!