الملا: «التفسير» يكبِّل سلطات المجلس الرقابية

saleh almulla 07

توالت ردود الفعل النيابية تجاه حكم المحكمة الدستورية بشأن استجواب النائبين احمد السعدون وعبدالرحمن العنجري الموجه الى رئيس الوزراء. وفيما رأى البعض انه «تكبيل» لسلطات المجلس الرقابية، وان رئيس الوزراء يتحمل وزر أي انحراف في السياسات العامة لمجلس الوزراء، أكد آخرون ان الحكم «تفسيري» وغير ملزم لمجلس الأمة.

ومن جانب آخر، رأى نواب أن الحكم جاء منسجما مع مواقفهم السابقة تجاه الاستجواب لقناعتهم بأنه مخالف لمواد وأحكام الدستور، مشيرين الى وجود تعد على الدستور منذ زمن بعيد.
قال النائب صالح الملا: رغم احترامنا الشديد للقضاء الكويتي النزيه، وايماننا الراسخ بالدستور، والمادة 50 منه التي تنص على مبدأ فصل السلطات مع تعاونها، فإنني فوجئت بالحكم الذي صدر من المحكمة الدستورية بعدم دستورية الاستجواب المقدم من النائبين احمد السعدون وعبدالرحمن العنجري الى سمو رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد.
وأوضح الملا في تصريح للصحافيين: ان المحكمة الدستورية قالت في حجتها ان المسؤولية السياسية عن المحاور تقع على الوزراء بشكل فردي، ولا يتحمل رئيس الوزراء تلك المسؤولية، رغم ان الأصل الدستوري هو ان الرئيس من يتحمل وزر أي انحراف في السياسات العامة لمجلس الوزراء.

السياسة العامة
وأضاف: نحن نعتقد ان ما شملته المحاور لا يمكن الا ان يكون انحرافا في السياسات العامة، وليست اخطا‍ء فردية، وهي مسؤولية يتحملها مجلس الوزراء مجتمعا، ولا يتحملها وزير بعينه.
وبين الملا: ان خطورة التفسير الذي صدر من المحكمة الدستورية تكمن في انها تكبل سلطات المجلس الرقابية الممنوحة لنواب الأمة وفق الدستور، وتضيق مجال الرقابة والمساءلة السياسية لرئيس الوزراء، حتى انها تكاد تصبح معدومة.

المحكمة الدستورية
من جهته، قال البراك ان حكم المحكمة الدستورية غير ملزم، وهو حكم تفسيري لبعض المواد الدستورية، وقد سبق للمحكمة الدستورية أن أكدت على أن المساءلة السياسية هي عمل من أعمال البرلمان ونأت بنفسها عن النظر بمادة ومحاور الاستجواب، مشيرا الى ان البعض يريد ان يكيف تفسير أحكام المحكمة الدستورية حسب مصالحه وأهوائه وهو أمر يعود له ولا يعنينا بشيء.

المسلمات القانونية
بدوره، بيّن النائب سعد الخنفور ان الحكم الذي أصدرته المحكمة الدستورية أتى اليوم ليؤكد ان هناك تعديا على الدستور ومواده منذ زمن بعيد دون ان يشعر الجميع بجسامة التجاوز على هذه المسلمات القانونية والدستورية التي يجب علينا كمشرعين احترامها قبل غيرنا ان كنا ننشد العمل البرلماني السليم.
وقال الخنفور ان الحكم جاء صريحا ليدعم مدى صحة وقوفنا مع الإحالة والتصويت على معرفة الحق من الباطل والغث من السمين في عملنا البرلماني الذي يجب الا تشوبه شائبة، داعياً الجميع الى التمسك بمواد الدستور وعدم تجاوزه حتى لا نخلف وراءنا سوابق تكون بمنزلة مستمسك على نواب المجلس جميعاً وكذلك الحكومة.

روح الدستور
من جانبه، أكد النائب سعدون حماد ان حكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية استجواب النائبين أحمد السعدون وعبدالرحمن العنجري جاء ليدعو الى الالتزام بنصوص وروح الدستور في وضع الاطر الدستورية لاستخدام النواب لحقهم في تقديم الاستجوابات بالصورة الصحيحة دون انحراف.
وقال حماد انه يجب على من يصفون أنفسهم بحماة الدستور ان يلتزموا ويحترموا حكم المحكمة الدستورية الذي أعاد تكريس مبادئ مهمة في مسيرة العملية الديموقراطية في البلاد، مؤكدا أن الحكم جاء منسجماً مع موقفنا بتحويل هذا الاستجواب الى الدستورية عن قناعة لمخالفته لمواد الدستور وأحكامه.
ولفت إلى ان رئيس الوزراء مسؤول عن السياسة العامة للحكومة، بينما المخالفات والتجاوزات في الوزارات والقطاعات الحكومية تقع مسؤوليتها على عاتق الوزراء المعنيين، ولذلك يجب ان توجه لهم الاستجوابات دون القفز على رئيس الوزراء «لأسباب سياسية» في الغالب.
وأوضح حماد أن أغلب أعضاء مجلس الأمة يعلمون بعدم دستورية استجواب سمو رئيس الوزراء المقدم من النائبين السعدون والعنجري، ولكن منهم من صوّت بعدم الإحالة للدستورية وهو يعلم ان الاستجواب غير دستوري، ومنهم من صوّت بعدم الإحالة لأنه سنة أول برلمان، ومنهم من صوّت بالإحالة لقناعته بعدم دستورية الاستجواب.

وسائل الإعلام
من ناحيته، تمنى النائب شعيب المويزري على وسائل الإعلام تحري الدقة وقراءة الحكم بشكل صحيح والتبين اذا ما نطقت المحكمة بعدم الدستورية أم لا، وهل جاء الحكم بهذا اللفظ، متمنياً من الإعلاميين التدقيق بالنص الحرفي لما جاء في حكم المحكمة الدستورية.
وبيّن المويزري ان الاستجواب حق دستوري ونحترم أي حكم تصدره المحكمة الدستورية أو أي جهة قضائية أخرى.

استقلال القضاء
أشاد الملا بالقضاء الكويتي رغم التحفظ على حكم المحكمة الدستورية، مؤكدا ضرورة التحرك بالشكل السريع لإقرار قانون استقلال القضاء، خصوصا ان هذا المطلب هو ترجمة فعلية للمادة 50 من الدستور التي تنص على فصل السلطات، وقد طال أمد الانتظار لتحقيق هذا المطلب.