الملا يعلن مبكرا نتائج قانون الأحزاب: لن يحصل على أكثر من 6 أو 7 أصوات

طالب سياسيون بضرورة تدخل القوى الوطنية من داخل وخارج مجلس الامة لاقرار الاحزاب السياسية.

وحاول هؤلاء في ندوة «واقع القوى السياسية» في ديوانية المرحوم سامي المنيس مساء الاول من امس،محو الصورة السلبية التي ارتسمت في العقول عن الاحزاب جراء التجارب الفاشلة لها في الدول العربية «والتي جعلت الحكومة ليست في حاجة لمحاربة اي حماس لقانون الاحزاب».
وحذر النائب صالح الملا الذي شارك في الندوة من اقرار الدائرة الواحدة في ظل غياب الاحزاب «لان النتائج ستكون كارثية»، متوقعا نتائج التصويت على المقترح بقانون لاشهار الاحزاب «وهي عدم حصوله على اكثر من 6 او 7 اصوات».
وفي غياب الاحزاب رصدت الندوة سلبيات عديدة منها تكريس الانتخابات الفرعية التي تمزق المجتمع وتزكي نار الطائفية والقبلية، وغياب التنسيق والرؤية داخل التنظيم السياسي نفسه، وظهور تنظيمات غير قانونية تعمل في الخفاء وقد تمارس نشاطات ضد القانون.
واكد النائب صالح الملا ان الواقع الذي نعيشه يؤكد انه «لا توجد في الكويت قوى سياسية»، فكل تنظيم سياسي يفترض ان تكون به اجراءات تنظيمية لتوحيد الموقف والكلمة ودعم عناصر التنظيم وهو ما نفتقده.
وقال الملا في ندوة الاربعاء «ان الحكومة ناجحة منذ الثمانينات وحتى اليوم بامتياز في تبديد اي بصيص امل لخروج تنظيم سياسي بأيديولوجية ورؤية ولا ادل على ذلك سوى اذكاء روح القبلية والطائفية»، معتبرا ان الانتخابات الفرعية «اختراع حكومي 100 في المئة»، لافتا الى ان اول انتخابات فرعية كانت طائفية في الثمانينات لدرجة ان تلفزيون الكويت كان ينقل منذ فترة قريبة احداث هذه الانتخابات بل ان الصناديق الانتخابية كانت تحرز من قبل رجال الامن.
واضاف الملا ان السلطة التنفيذية ليست في حاجة «لمحاربة الحماس» لقانون ينظم العملية الاتنخابية والسياسية ومن ضمنه اشهار الاحزاب السياسية بعد ان نجحت في «زرع الخوف والرعب» في عقل المواطن باستحضار تجربة سيئة للاحزاب في بلدان مثل لبنان والجزائر.
واشار الى انني تقدمت في مجلس 2008 مع عدد من النواب باقتراح بقانون لاقرار الاحزاب السياسية والذي ظل في ادراج اللجنة التشريعية ولم يكن من ضمن اولوياتها، واعدناه مرة اخرى خلال المجلس الحالي وللاسف فان القانون لم تقدمه التشريعية الى لجنة الاولويات، بل ان الامر وصل الى ان هناك نوابا من داخل المؤسسة التشريعية «يئدون اي بارقة امل» لاي تنظيم سياسي كما تبين في تصريحات البعض على الانتخابات الاخيرة للاتحاد الوطني الديموقراطي، مؤكدا ان المقترح بقانون الاحزاب السياسية «لن يحظى باكثر من 6 او 7 اصوات» وسط هذه الاجواء ان طرح في مجلس الامة.
واوضح ان الواقع داخل مجلس الامة يبين ان هناك 3 او 4 مواقف للكتل السياسية تجاه القضايا المختلفة ما يدل على غياب الرؤية والتنسيق بين التنظيم السياسي نفسه، مؤكدا ان الحركة الدستورية الاسلامية التنظيم الاكثر تماسكا وقدرة على مواجهة الصدمات والاكثر دعما ماديا كقواعد شعبية «ورغم من ذلك نجد ان نوابها منقسمون تجاه القضايا في المجالس السابقة خاصة مجلس 2008».
وبين الملا ان كل القوى السياسية البرلمانية تخاطب القواعد الانتخابية التي ينتمي لها بما فيها القوى الوطنية التي انقسمت بدورها تجاه المواقف والقضايا كما حدث في الموقف من المصفاة الرابعة وصفقة الداوكيميكال.
وشدد الملا على ان اقرار الدائرة الانتخابية الواحدة دون ان يكون هناك اشهار للاحزاب السياسية» سيكون كارثة بكل المقاييس»، لافتا الى ان الوضع القائم افضل بكثير من وجود دائرة وحيدة بلا احزاب.
وشدد الملا على ان التغيير لا يمكن ان يأتي بين يوم وليلة لأن العملية تحتاج الى جهود، لافتا الى ان القاعدة تقول ان «التغيير يأتي من قاعدة الهرم الى اعلاه»، لكن المشكلة ان المسؤول عن تغيير هذه الثقافة السائدة في المجتمع هو «السلطة»، مشددا على ضرورة تدخل القوى الوطنية من داخل وخارج مجلس الامة باتجاه اقرار الاحزاب السياسية وفق شروط مقننة وبرامج انتخابية وفق القانون المقترح الامر الذي سيقلل بدوره من الانتخابات الفرعية لا ان يقضي عليها.
واختتم الملا بالتأكيد على ضرورة اقرار الاحزاب السياسية ومشاركة القوى السياسية الواعية في الحكم وبدء العملية من المدارس وزرع ثقافة المجتمع الواحد لنبذ النفس الطائفي والقبلي للمساهمة بشكل فاعل في اعادة الحياة السياسية الجميلة للكويت كما كانت في الستينات والسبعينات.
بدوره، أشار الكاتب الصحافي أحمد الديين لأمرين «في غاية الخطورة» برزا في الآونة الأخيرة في المجتمع الكويتي الأول يتمثل في «العبث المستمر في النسيج الاجتماعي الوطني الكويتي» مما أدى الى تمزقه وتفكيكه طائفيا وفئويا و قبليا ومناطقيا على نحو مقلق، والأمر الثاني هو نهج مستحدث يعتمد «الملاحقة القانونية للمعارضين والخصوم السياسيين».
وأوضح الديين أن الكويت عرفت الحياة الحزبية و التنظيمات السياسية منذ وقت مبكر وشهدت فترة ما بعد التحرير نقلة مهمة ونوعية في تاريخ التنظيمات السياسية بـتأسيس المنبر الديموقراطي الكويتي في 2 مارس عام 1991 كأول تنظيم سياسي معلن في الكويت و لحقته الحركة الدستورية الاسلامية في نهاية شهر مارس من نفس العام ثم توالت الحركات السياسية في الاعلان عن وجودها ومن بينها التجمع الاسلامي الشعبي الذي أصبح لاحقا التجمع الاسلامي السلفي، والتحالف الاسلامي الوطني الذي عرف بعد ذلك بالائتلاف الاسلامي الوطني، التجمع الوطني الديموقراطي، الحركة السلفية العلمية، حزب الأمة وعدد من التشكيلات الأخرى على الصعيد الشيعي مثل التحالف الاسلامي الوطني، الميثاق، دار الزهراء والرسالة الانسانية، مشيرا الى أن بداية الكتل النيابية كانت مع بداية عام 2001 بظهور كتلة العمل الشعبي وكتلة العمل الاسلامي ثم كتلة العمل الوطني والتي كانت تعمل تحت مسمي 7 + 1.
وأوضح أنه كان من المفترض أن يكون نظام الدوائر الخمس ساحة أرحب للعمل السياسي الا أن المفارقة هو «تقلص وجود التنظيمات والكتل السياسية على صعيد التمثيل النيابي للنصف، مما كرس النهج الفردي في العملية النيابية»، منتقدا تركيز القوى السياسية بصفة عامة على العمل البرلماني كنشاط أساسي مما حول القوى السياسية لتجمعات انتخابية، مشيرا الى أن جميع القوي السياسية وصلت للمجلس في ظل أزمات محتدمة ومنهكة بمشكلاتها الداخلية والتنظيمية، لافتا لظهور قوى سياسية جديدة غير ممثلة نيابيا في المجلس ومنها التجمع الكويتي المستقل.
وأعرب عن أسفه لغياب التنسيق بين القوى السياسية نظرا «لعدم وجود محطة مشتركة تجمعهم»، مشيرا لقصور موقف القوى السياسية تجاه قضية الديموقراطية حيث تؤيد آلياتها وتختلف على جوهرها، واصفا تجربة المرأة في البرلمان بخيبة الأمل التي لم تحقق المأمول منها، موضحا أن وصول المرأة للبرلمان عن طريق الاقتراع المباشر قطع الطريق على المطالبين بالكوتا النسائية التي كانت ستفتح الطريق أمام الكوتا الطائفية والقبلية، مشددا على أن المال السياسي لعب دورا في افساد البرلمان وليس فقط العملية الانتخابية.
من ناحيته، قال الباحث و الكاتب الصحافي صالح السعيدي انه على الرغم من مرور 72 عاما على انشاء تنظيم كتلة الشباب الوطني أول تنظيم سياسي في تاريخ الكويت السياسي، ورغم انقضاء 48 عاما منذ اعلان الدستور، وانتخاب 14 مجلسا نيابيا طوال تلك الفترة، الا أن الحياة السياسية الكويتية اليوم دون قانون للأحزاب مما يجعلها قاصرة عن بلوغ الحياة الحزبية المقننة والعلنية، حيث لا تزال القوى السياسية الكويتية تمارس نشاطها السياسي المفترض بواسطة أشكال أولية وبدائية من العمل السياسي، «وكأن الزمن قد توقف بالحياة السياسية الكويتية عند العام 1962 ساعة كتابة مواد الدستور»، واستمرت حالة المراوحة تلك طوال 50 سنة منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم فلم تغادر تلك اللحظة ولم تتجاوز ذلك الاطار.
وأشار السعيدي الى عدد من مسببات التوقف الطويل لتطور الحياة الحزبية، وأول هذه المسببات هي السمات العامة لعمل القوى السياسية الكويتية، قائلاً أنه نظرا لتعثر صدور قانون للأحزاب فان عمل القوى السياسية الكويتية هو موسمي مناسباتي يرتكز في جوهره على الانتخابات النيابية، واعلان المواقف من القضايا المطروحة في البلاد، وكذلك غياب الغطاء القانوني حرم القوى السياسية من ايجاد آليات تواصل مع الشارع الكويتي ولذا فان عملها يفتقر الى التفاعل الجماهيري المستمر.
وبين ان سيطرة العامل الانتخابي على نشاط القوى السياسية جعل مقياس الشعبية لأي قوة سياسية يقتصر على عدد ما تملكه من مقاعد في البرلمان فان زادت مقاعدها في انتخابات ما ارتفع وزنها السياسي وان تراجعت حصتها في أخرى انخفض تقييم وزنها السياسي.
ورأى السعيدي ان القوى السياسية الكويتية بمختلف مشاربها الليبرالية والاسلامية «انغمست بتفاصيل الصراع الدائر بين أقطاب الأسرة الحاكمة» منذ اعلان الحياة النيابية 1962.
واستعرض السعيدي عوامل تعثر قيام حياة حزبية في الكويت، قائلاً أن أولها العوامل الخارجية حيث انه وفي المرحلة المبكرة 1963 -1990، لعبت القوى الاقليمية دورا سلبيا، في مسألة تطور الحياة الحزبية في الكويت، فمجاورة الكويت لدول كبرى ذات نظم «تسلطية معادية للديموقراطية»، وفي المرحلة المتأخرة 1991- 2010،غياب الضغط الخارجي عن مسألة تقنين الأحزاب.
فمع موجة الديموقراطية التي عمت بلدانا عديدة أواخر ثمانينات القرن الماضي، وعقب مساهمة المجتمع الدولي في تحرير الكويت، واقرار السلطة النهائي بدستور 62، وحتى مع موجة «نشر الديموقراطية» التي تبنتها ادارة جورج بوش الابن بعد 2001، فان كل تلك المتغيرات التي مست مناطق عديدة من العالم والاقليم لم تؤثر في مسألة تقنين الحياة الحزبية في الكويت.
وتطرق السعيدي الى العوامل الداخلية لتعثر قيام حياة حزبية في الكويت والتي صنفها الى عدد من الأسباب أولها العوامل السياسية وهي موقف السلطة من الأحزاب، ضعف المطالبات من جانب القوى السياسية، وتخوف شعبي من فكرة الحزبية،وكذلك لأسباب اجتماعية وهي استمرار قيام هياكل تقليدية تنافس الهياكل السياسية الحديثة، وزحف القيم التقليدية كالقبلية، الفئة، الطائفة على محددات العمل السياسي وسيطرتها على واقع العملية السياسية في البلاد.
وتطرق السعيدي الى موقف القوي السياسية، قائلا إنه وفي المرحلة المبكرة انشغلت القوى السياسية والحركة الوطنية بمسألة الدفاع عن الدولة الديموقراطية ودستور 62 أمام سلطة رافضة لذلك، مما أدى الى اعتبار مسألة قيام الأحزاب مسألة ثانوية وأولوية مؤجلة بالنظر الى الخطر الذي يتهدد النظام الدستوري، وفي تلك المرحلة سعت القوى السياسية الى اثبات وجودها وتسجيل حضورها في الواقع السياسي للبلاد عبر استعارة التنظيمات السياسية لهيكل جمعيات النفع العام و تحويل جمعيات وأندية الى منابر للعمل السياسي ومن ذلك نادي الاستقلال المعبر عن التنظيمات القومية واليسارية، وجمعية الاصلاح الاجتماعي واجهة تيار الاخوان المسلمين، وجمعية احياء التراث الاسلامي المعبرة عن الاتجاه السلفي، وجمعية الثقافة الاجتماعية منبر التيار الديني الشيعي، وقد انتهى أمر بعض تلك الجمعيات الى الحل ومثال على ذلك الاستقلال الذي حل في العام 1976 وجمعية الثقافة الاجتماعية التي حلت في 1989وعادت 2008.
وتابع السعيدي أنه في مرحلة الثمانينات وعودة الحياة النيابية كانت السلطة قد أعادت تشكيل الدوائر ليتناسب مع مشروع تجفيف السياسة من العمل السياسي الكويتي واستبداله بمفاهيم اجتماعية تقوم على الطائفية و القبلية، وانشغلت القوى السياسية بمسألة رد هجمة «تنقيح الدستور» التي تبنتها السلطة.
وفي مرحلة ما بعد تحرير الكويت قال السعيدي ان الشكل الثاني من القوى السياسية ظهر بعد تحرير الكويت وقبول السلطة اثناء الاحتلال بمطالب القوى السياسية والاجتماعية باعادة الحياة النيابية للكويت حيث ظهرت هياكل لتنظيمات سياسية دون اطار قانوني محدد ودون ترخيص من السلطات، مثل الحركة الدستورية الاسلامية،المنبر الديموقراطي، الائتلاف الاسلامي الوطني، التجمع الاسلامي الشعبي، التجمع الوطني حزب الأمة، التوافق الاسلامي، ... الخ، حيث تقوم تلك التنظيمات بكل الأنشطة التي تقوم بها الأحزاب السياسية من اصدار مطبوعات وتنظيم مؤتمرات واصدار بيانات وعقد انتخابات داخلية.